صب الخرسانة في الطقس الحار

نعرف جميعًا أن الصيف وبسبب الطقس الخاص به وطول النهار، يمثل زمانا مثاليا لتنفيذ المشاريع الإنشائية. صحيح أن مشاكل البناء تتدنى في الصيف لكن درجات الحرارة المرتفعة فيه، تربك عملية صب الخرسانة. وفي الحقيقة فان صب الخرسانة في الأجواء الحارة، عمل يتسم بالصعوبة، ولأجل ذلك فمن الضروري أخذ بعض الاحتياطات أثناء التنفيذ. ولذلك فاننا سنسلط الضوء في هذا المقال على طريقة صب الخرسانة في الطقس الحار.

تأثيرات الطقس الحار على صب الخرسانة

إن أهم مسألة يجب الإهتمام بها هي زمن شكّ الخرسانة. ويُعد الماء واحدًا من المكونات الرئيسية الثلاثة لخليط الخرسانة، وعندما يتم خلطه بالإسمنت، تبدأ تفاعلات الإماهة. وهنا تكتسب الخرسانة قوتها ومقاومتها تدريجيًا.

إن الإماهة (التفاعل الكيميائي للماء والإسمنت) هي تفاعل مولد للحرارة، بمعنى أنها تنتج الحرارة التي تُسرّع من سخونة الخرسانة. لذلك فان الهاجس الرئيسي بشأن القوة وزمن شك الخرسانة ليس درجات  الحرارة بل درجة حرارة الخرسانة ذاتها.

إن الأجواء الحارة تطلق على الظروف التي تفقد فيها الخرسانة رطوبتها بسرعة، وتتزايد نسبة تميؤ الإسمنت. إن هذه العملية تؤدي إلى تراجع جودة الخرسانة حديثة الصب. وفي درجات الحرارة العادية، فان شك الخرسانة يمكن أن يحصل خلال مدة تتراوح بين 8 و 48 ساعة، ويصل خلال سبعة أيام إلى مقاومة تبلغ 70 بالمائة. ويطول الزمن لـ 28 يوما لتتحصل قوة الانضغاط النهائية.

وعندما يتميأ الإسمنت، يمتص الماء. لكن أثناء صب الخرسانة في الطقس الحار، تتم تفاعلات الإماهة بصورة أسرع. وهذا  الأمر يؤدي إلى زيادة مقاومة الانضغاط الابتدائية، بيد أنها تقلل مقاومة الانضغاط بعد 28 يوما. وإن كانت حرارة الخرسانة أزيد بنحو 18 درجة من المألوف، فان مقاومة الانضغاط النهائية ستقل بنحو 10 بالمائة.

وجاء في النظام الداخلي للخرسانة الايرانية (آبا) واللوائح والأنظمة الوطنية الايرانية للبناء (القسم التاسع) حول صب الخرسانة في الأجواء الساخنة: “إن درجة حرارة الخرسانة العادية أثناء صب الخرسانة لا يجب أن تزيد عن 32 درجة سلسيوس وبالنسبة للخرسانة عالية الكثافة، لا يجب أن تزيد عن 15 درجة سلسيوس”.

مشاكل صب الخرسانة في الطقس الحار

وللإفادة من مميزات صب الخرسانة في الأجواء الحارة، يتعين على المتعهدين، رصد متغيرات عديدة. وتعد الإماهة والتبخير وامتصاص الماء، فقط جزء من العوامل التي هي بحاجة لإيلاء الأهمية لها. إن الأجواء الساخنة يمكن أن تسفر عن مشاكل في الخلط والصب وإنضاج الخرسانة، ما يؤثر على خصائص وقابلية تشغيل الخرسانة. وإن لم يتم اتخاذ الاحتياطات اللازمة طيلة مدة الطقس الحار بصورة مؤثرة، قد تتضرر الخرسانة بفعل شقوق الهبوط البلاستيكية والشروخ الحرارية وانخفاض مقاومة الخرسانة بعد 28 يوما.

وتشتمل التحديات المتصلة بصب الخرسانة في الطقس الحار على الحالات  التالية:

  • إن زيادة الطلب على الماء يؤدي إلى خفض نسبة الإسمنت في الماء.
  •  إن زيادة الهبوط يؤدي إلى إضافة الماء أثناء صب الخرسانة.
  •  إن زمن الشك السريع، يستحدث مشاكل في مجال المعالجة والهزّ.
  • إن تزايد الطاقة للانكماش البلاستيكي والشروخ الحرارية، يحصل بشكل رئيسي بسبب تبخر الماء من السطح.
  • المشكلة في التحكم بمحتوى الهواء – ويتوقف على نوع الإسمنت والمواد المضافة – والتي قد تتسبب بتفجر فقاعات  الهواء ما يؤدي إلى تراجع محتوى الهواء.
  •  ثمة حاجة لإنضاج الخرسانة بالترطيب بشكل دقيق ومستمر، لان الخرسانة في درجات الحرارة المرتفعة تؤدي إلى خفض القوة في السنين المتقدمة.

إن جميع المشاكل الناجمة عن صب الخرسانة في الطقس الحار، تعود إلى كمية الماء أو ما يصطلح عليه الترطيب. لذلك فمن الضروري الاهتمام بالمتطلبات والاحتياطات التنفيذية والأساسية.

متطلبات صب الخرسانة في الطقس الحار

إن درجات الحرارة تبلغ ذروتها في حوالي الظهيرة ومطلع بعد الظهر، في المناطق الحارة، لذلك فان قمتم بصب الخرسانة في الصباح الباكر وعندما يكون الطقس أبرد نسبيا، فانكم ستحولون دون المزيد من سخونة الخرسانة. كذلك استخدموا قوة عاملة أكثر عددا لكي يتولى كل شخص القيام بوظيفة محددة.

وقبل صب الخرسانة، تستطيعون الإفادة من الماء لترطيب القوالب. وهذا الإجراء يساعد على الإبقاء على موقع العمل باردًا نسبيًا، ويرفد عملية توصيل الماء أثناء الصب. كما تستطيعون خفض الحرارة داخل الخرسانة من خلال الاستفادة من الماء البارد أو الثلج كجزء من ماء الخليط.

ومن القواعد الأخرى المعتمدة في صب الخرسانة في الجو الحار، يمكن الإشارة إلى استخدام التعريشة أو المظلة الواقية من الشمس للحد من التعرض لأشعة الشمس. وفي الأجزاء من المبنى حيث من المقرر صب الخرسانة فيها، يمكن الإفادة من الأغطية البلاستيكية أو التعريشات الخاصة. ومن الضروري الإبقاء على كافة التجهيزات المستخدمة في عملية صب الخرسانة، في مكان بارد حتى آخر لحظة قبل البدء بالصب.

آليات صب الخرسانة في الطقس الحار

إن أردتم صب خرسانة جديدة في موقع البناء، فيجب التأكد بداية من أن يكون موقع العمل، جاهزًا بمجرد تسلم الخرسانة. وإن كان من الصعوبة الوصول إلى موقع صب الخرسانة، فلا بد من القيام بالتنسيق اللازم لكي يتم صب الخرسانة بسرعة أثناء الاستلام.

ويمكن استخدام الإضافات الكيميائية من أجل تعزيز قابلية تشغيل الخرسانة ومتانتها وميوعتها ومقاومتها. وإن كان الطقس حارًا جدًا، فخذوا بنظر الاعتبار الافادة من مادة مضافة ما لمعالجة الخرسانة. إن هذا النوع من المضافات، يمكن أن يعمل على تأخير زمن التفاعلات الكيميائية التي تحصل خلال التميؤ (زيادة زمن الشك).

وكان الماء والثلج سابقا، من أكثر الأساليب تطبيقية واقتصادية لتبريد الخرسانة. لكن استخدام النيتروجين السائل (LIN) في الوقت  الحاضر في عمليات الصب الواسعة، يمكن أن يمثل أسلوبا ذا وقع. وإن كنتم تقومون بالصب مرتين أسبوعيا كحد أقصى، فان أسلوب النيتروجين لن يكون مجديًا اقتصاديًا.

إنضاج الخرسانة بالترطيب في الجو الحار

إن الخرسانة بحاجة إلى إنضاجها بالترطيب من أجل الوصول إلى المقاومة النهائية. ومن أجل ذلك، لا بد من الخرسانة أن تحافظ على رطوبتها. إن التبخر هو عدو الخرسانة!، وفي الطقس الحار، فانه يتعين على القائمين على  المشروع، مراقبة عملية الإنضاج بالترطيب لكي لا تزول الرطوبة سريعًا.

ولكي تبلغ الخرسانة مقاومتها الكاملة، فانها بحاجة إلى الماء لإماهة الإسمنت. وإن جفّت، فان الخرسانة الناتجة عنها ستكتسب خصائص الجص. وتشاهد هذه الحالة أكثر في سطوح البلاطات الخرسانية. وثمة ثلاثة متغيرات مهمة تسهم في تحديد سرعة جفاف الخرسانة، وهي: الماء والرطوبة النسبية وسرعة الرياح. لذلك فان الخرسانة تجفّ بسرعة في يوم حارٍ وجاف وعاصف، وهذه الفترة الزمنية، تمثل أهم مرحلة للإنضاج.

ومعظم الخرسانات  التي تُصب في الموقع، تحتوي على مياه غزيرة، لذلك فان النقطة الرئيسية تكمن في الحد من تبخر هذه المياه، والإبقاء على سطح الخرسانة باردًا دائما من خلال رشّ الماء.

أساليب الحد من التبخير

ويمكن أثناء عملية إنضاج الخرسانة استخدام أكياس الخيش المبللة. إن المدة الزمنية للإبقاء على السطوح الخرسانية رطبة، تتوقف على درجة الحرارة ونوع الخليط الخرساني، لكن تكفي مدة 7 أيام عادة للعناية بالخرسانة المصنوعة من الإسمنت نوع 2. والحقيقة أن الخرسانة تشبه شجرة ما، وعندما يتم غرس شجيرة صغيرة، فان تم إروائها على الدوام، فانها ستقوى في الكبر.

وأخيرًا

استخدموا قوة عاملة كافية لصب الخرسانة في الجو الحار. وفي يوم حارٍ ما، يجب أن يكون ماء الشرب في المتناول دائما، ليحول ذلك دون الإجهاد المفرط أثناء العمل اليدوي. امتنعوا عن صب الخرسانة في أكثر ساعات اليوم حرارة. تابعوا تنبؤات الأرصاد الجوية، لتختاروا أفضل وقت لصب الخرسانة. وبشكل عام، طبقوا كل ما أشير إليه سلفا حول صب الخرسانة في الظروف المناخية الحارة لكي يمضي العمل قدما من دون عيب أو نقص وبطريقة علمية.