الإماهة ما هي؟

عندما يتم خلط الإسمنت والماء والركام والإضافات معًا، يحصل تزايدًا ملحوظًا في الحرارة. وهذه الحرارة ناتجة عن التفاعل بين الإسمنت والماء ويطلق عليه الإماهة. إن قياس درجة حرارة الخرسانة على امتداد الوقت، يجعل الأشخاص قادرين على معرفة مدى ومقدار أثر الإماهة لكي يتمكنوا من تخمين مقاومة الخرسانة. وبسبب الأهمية البالغة لهذا الموضوع، فاننا نتناول في هذا المقال موضوع الإماهة بالتفصيل.

تعريف الإماهة

الإماهة هي سلسلة تفاعلات كيميائية تحدث على إثر تماس الماء بالإسمنت الهيدروليكي. وعندما يتم تركيب الماء والإسمنت في عجينة الإسمنت، تذوب معظم حبيبات الإسمنت في الماء، وهذا الأمر يساهم في بدء عملية الإماهة.

إن هذه التفاعلات، تنتج تركيبة جديدة، وكلما ازداد تميؤ الإسمنت، كلما يتم استهلاك كميات أكبر من الماء والإسمنت، وتنتج مركبات أكثر. وتتطور المركبات وتبدأ بالتجمع والالتصاق ببعضها البعض.

وفي النهاية، فان تجمع المركبات يؤدي إلى تصلب عجينة الإسمنت وتصلدها وتطوير مقاومتها، وتقوم بتحويل الخرسانة البلاستيكية إلى منتج ثابت ومقاوم؛ بيد أن إماهة الخرسانة، ليس فقط عبارة عن تركيب الإسمنت والماء، بل أن نسبة إماهة الإسمنت تتوقف على عوامل مختلفة نتطرق إليها تاليا في هذا المقال.

مركبات إماهة الإسمنت

إن المنتجات الرئيسية لتفاعلات إماهة الإسمنت، هي عبارة عن هيدرات سيليكات الكالسيوم (CSH) وهيدروكسيد الكالسيوم (CH) وأطوار Aft و AFm. إن أطوار Aft و AFm الموجودة في الإسمنت المُميأ هي مركبات C3A وأنيدريت والماء. إن عجينة الإسمنت البورتلاندي تتشكل من ناحية الكتلة عادة من نحو 50 بالمائة من CSH  ونحو 15 إلى 25 بالمائة من CH  . إن معظم المقاومة التي تبديها عجينة الإسمنت المُميأ يمكن نسبها إلى CSH .

إن C3A يقبل التفاعل من بين الأطوار الرئيسية الاربعة للإسمنت، لكنه يساعد قليلا على زيادة المقاومة الابتدائية. ويتفاعل C3A الموجود في الماء بسهولة مع عجينة الإسمنت وينتج هُلاما غنيا بالألومينات، وهذه العملية تطرد قسمًا ملفتًا من الحرارة.

وتتقلص الحرارة المنتجة بسرعة، وتدوم عادة لنحو بضع دقائق فقط. ويتفاعل الجل المنتج، مع الكبريتات المختلفة الموجودة في الإسمنت بما في ذلك الجص وأنيدريت وهيمي هيدرات، وينتج الأترينجيت. إن تطور الأترينجيت في المراحل الأولية للإماهة، يساعد على التحكم بتصلب الخرسانة البلاستيكية. وبعد أيام من الإماهة، يتم استهلاك الأترينجيت تدريجيا عن طريق التفاعل مع C3A، و يتم إحلاله بـ أحادي أكسيد الكبريت.

ويتفاعلC3S   والماء لإنتاج CSH و CH. إن C3S   الذي يسمى أليت أيضا، يتميأ بسرعة ويظهر تفاعلا ويتصلب، ويساعد بالحد الأقصى، المجموعة الأولية للخرسانة وتطوير المقاومة الابتدائية. كما يتفاعلC3S   مع الماء لإيجاد CSH و CH. ومع ذلك، فان C2S   أو بيليت، يظهر تفاعلا بتمهل تجاه الأليت، ويتحول بدوره إلى عامل كبير في زيادة مقاومة الخرسانة خلال عمرها الذي يتخطى الأسبوع.

كيف تتم عملية الإماهة؟

ويحدث التفاعل الابتدائي بعد إضافة الماء إلى الإسمنت، وتبلغ الحرارة ذروتها. وتتفاعل الألومينات (C3A) مع H2O وتشكل الأترينجيت (هيدرات الألومينا). إن إفراز الطاقة من جراء هذه التفاعلات يؤدي إلى حصول ذروة الشك الابتدائي. وكنتيجة لهذه التفاعلات، يتكون الغطاء السطحي لجزيئات الإسمنت. إن هذا الغطاء سيقلل من سرعة التفاعل، لان الوصول إلى H2O، ليس مناسبا بقدر زمن خلطة الخرسانة. ويستخدم هذا الطور، لنقل الخرسانة وصبها.

الإماهة

وفي المرحلة التالية، فان زيادة الحرارة الناتجة عن التفاعل بين سيليكات الكالسيوم (C3S  ) و C2S المستحدثة، تؤدي إلى إيجاد هيدرات السيليكات (CSH). كما أن إيجاد هيدرات السيليكات يؤثر بشكل كبير على مقاومة الخرسانة خلال الشك النهائي. إن مراقبة الحرارة الداخلية للخرسانة، يمكن أن يكون مهما للغاية، لان حرارة الخرسانة في هذه المرحلة، يمكن أن تتزايد بسرعة لتصل إلى ما بين 70 إلى 80 درجة سنتيغراد.

ومن ثم يتحصل الحد الأقصى من الحرارة، ويتراجع الوصول إلى الجزيئات الحرة، وهذا يؤدي إلى خفض سرعة الحرارة. وهذه المرحلة تنتهي في الغالب بمقاومة مرجوة، ويمكن الان فك القوالب في أطراف الخرسانة. إن عملية الإماهة تكون قد تباطأت الان وستستمر ببطء، لكي تواصل الجزيئات الموجودة في الإسمنت والماء، تفاعلها النهائي، من أجل أن تصل مقاومة الخرسانة إلى حدها الأقصى.

أثر الحرارة على الإماهة

إن سرعة الإماهة، تتزايد مع ازدياد الحرارة، ما يصاحبها بالتالي تقلص في الزمان. وتتشكل منتجات الإماهة في درجة حرارة تزيد عن 230 درجة فهرنهايت (110 درجة سنتيغراد)، وهي تختلف بشكل ملفت عن المنتجات المتحصلة في الحرارة المتدنية. إن أطوار أليت وبيليت، تتميأ لكي يتبلور  α-C2SH ليتحصل بدلا عن C-S-H آمورف.

إن α-C2SH هي مادة متبلرة ومتراكمة نسبيا، ولذلك فهي مضرة لجهة أنها تستحدث نفاذية مرتفعة ومقاومة انضغاط ضئيلة. ومع إضافة السيليكا المطحونة بما فيها دقيق السيليكا إلى الإسمنت، فانه يمكن الحد من تشكل α-C2SH أو إيصالها إلى الحد الأدنى.

وتلعب درجة حرارة البيئة أثناء خلط الخرسانة وصبها ومعالجتها، دورا في إماهة الإسمنت. وعلى الرغم من أن جميع أنواع الإسمنت، لا تتفاعل بشكل مماثل، لكن زمن الشك، يتراجع عادة مع ارتفاع الحرارة.

وبشكل عام، فان التذبذب بنسبة 10 درجات فهرنهايت، يمكن أن يغير زمن الشك، بنسبة 33 بالمائة. إن الحرارة المثالية للإنضاج، تتراوح عادة ما بين 50 إلى 70 درجة. إن الحرارة دون الـ50 درجة تؤدي إلى تطور الإماهة بسرعة أبطأ بكثير. وعندما تصل الحرارة إلى دون 40 درجة، فان نمو المقاومة الابتدائية، يتقلص بشكل ملفت.

ومع ذلك، فانه عندما تتجاوز درجة حرارة البيئة، 70 درجة، فان عملية الإماهة تتسارع أكثر من اللازم ويمكن أن تفرز نتائج مضرة، بما فيها التصدع وانكماش البلاستيك ومقاومة 28 يوما الأدنى وانخفاض الحرارة. كما تضطلع حرارة الماء المخلوط في الإماهة بدور رئيسي لانها تغير حرارة الخرسانة. ويمكن ضبط حرارة الماء المخلوط، إما عن طريق تسخين الماء أو إضافة الثلج إليه.

دور تكنيكات المعالجة في الإماهة

إن الرطوبة الإضافية خلال المعالجة يمكن أن تحل محل الماء المفقود على إثر الإماهة والتبخر. ومع إضافة الرطوبة الإضافية فان نسبة الإماهة تصبح غير مؤثرة إلى حد كبير. ومع ذلك، فان هذا يطمئن بوجود الرطوبة الكافية طيلة فترة الإماهة والمعالجة.

معالجة الخرسانة

إن الرطوبة غير الكافية يمكن أن تؤدي إلى خلو الإسمنت من الماء وألا تنطوي على أي فائدة للخرسانة أو الجفاف المبكر للخرسانة، وحتى تؤدي إلى تصدع سطح صغير. ويمكن إيجاد الرطوبة الإضافية عن طريق ترطيب الخيش والرش اليومي للماء أو أساليب أخرى.

إن أساليب إبقاء الرطوبة على النايلون والغطاءات أو المركبات الصانعة للغشاء والعمليات الغشائية، تتوقف على السطح الخارجي للخرسانة للاحتفاظ بالرطوبة. إن احتباس الرطوبة له أثر ضئيل على نسبة توصيل الماء. وفي المقابل، فان الأساليب الكفيلة بوجود الرطوبة الكافية للإماهة، تساهم في تحسين بيئة المعالجة.

إن المعالجة السريعة بواسطة الحرارة والبخار، تزيد من نسبة الإماهة وسرعة تطوير مقاومة الخرسانة. إن التحسن السريع لا سيما الوصول إلى المقاومة الابتدائية، مفيد للغاية. إن هذه  الأساليب تستخدم في الغالب في صب الخرسانة في الطقس البارد ولإيجاد بيئة أنسب لإماهة الإسمنت.

إن المعالجة تشتمل على الافادة من الركام الخفيف المشبع بالكامل. وتساعد من خلال إيجاد مزود داخلي للماء على الحفاظ على الرطوبة الكافية للخرسانة. إن المعالجة الداخلية لها أثر ضئيل على نسبة التزويد بالماء وتساعد على إيجاد بيئة ملائمة للإماهة. إن معالجة الرطوبة الداخلية تستخدم في الغالب لأنواع الخرسانات التي تحتوي على كميات كبيرة من المواد الإسمنتية.

دور المضافات في الإماهة

إن المضافات المُسرِّعة، توفر إمكانية زيادة نسبة توصيل الماء وزيادة القدرة الابتدائية وخفض زمن الضبط الابتدائي، وهذا غير مؤثر في الغالب على ثبات الخرسانة. إن المسرعات ومن خلال تقويض الحواجز في حوالي جزيئات الإسمنت، تسمح للماء بالوصول بسهولة أكبر لأطوار  C3S و C2S، وبالتالي تتزايد نسبة إماهة المواد المعدنية.

وتستخدم المسرعات لتعويض آثار التخلف في شك الخرسانة في الطقس البارد. وعلى العكس، فان المضافات تقوم من خلال إبطاء الشك، بخفض نسبة الإماهة وتصاعد المقاومة الابتدائية، وستزيد بالتالي من الفترة الزمنية للضبط الابتدائي والنهائي.

إن المُعيقات تقوم بإبطاء الإماهة من خلال الحد من تشكل ونمو بعض منتجات توصيل الماء. وتستخدم عادة لاحباط سرعة الإنضاج الناتجة عن الطقس الحار أو الإبطاء المضبوط للافادة من التكنيكات الخاصة بالاستكمال أو التواجد في مواقع صعبة.

وتتوافر المضافات المسرعة والمضافات الرادعة للشك، باشكال مختلفة، لكنها توجد غالبا على شكل مواد مضافة كيميائية سائلة. إن كيفية أداء هذه المضافات تتوقف على التركيبة والزمان وترتيب إضافتها إلى الخلطة وكذلك درجة حرارة البيئة وحرارة الخرسانة.

وللإماهة الكاملة للإسمنت، ثمة حاجة لمقدار 0.4 ماء. إن نسبة تميؤ المكونات، ترتبط بعوامل مختلفة. ومع ذلك، إن كانت نسبة الماء إلى الإسمنت أكثر من اللازم، فان الماء الإضافي سيبقى في ماتريس الخرسانة. ويبقى الماء الإضافي حتى زمن التبخر، إذ أنه لا يساعد على مقاومة الانضغاط فحسب بل يزيد من حساسية الخرسانة إزاء التصدع.

وعلى العكس، فان كانت نسبة الماء إلى الإسمنت أقل من المقدار اللازم بكثير، فان الإسمنت الفاقد للماء سيبقى في الماتريس، كما أن الماء المخلوط، سيستهلك أو يتبخر. وهذا لا يفيد إطلاقا مقاومة الخرسانة وثباتها. إن المواد الإسمنتية المكملة (SCM) يتم إضافتها إلى الخلطة الخرسانية كبديل لجزء من الإسمنت البورتلاندي. إن المواد الإسمنتية المكملة، تبدي سلوكا مشابها للإسمنت التقليدي.

ومع ذلك، فان الأنواع المختلفة من المواد الإسمنتية المكملة تقوم بتعزيز بعض أعمال توصيل الماء أو احتوائها. إن المواد الإسمنتية المكملة المستخدمة تضم عادة الرماد المتطاير وبخار السيليكا وإسمنت الخبث، وتسهم في خفض حرارة الإماهة وزيادة زمن الشك. في حين أن بعض أنواع البوزولان الطبيعي بما فيها الصلصال والميتاكاولين، تخفض حرارة الإماهة، لكن لا أثر لها يذكر على زمن الشك.

کلام آخر

ويجب اعتبار الإماهة بانها تمثل أهم مراحل إنتاج الخرسانة. إن هذه المرحلة تؤثر على مقاومة الخرسانة وثباتها وكافة خصائصها. وتتوقف إماهة الإسمنت على حرارة المحيط ونسبة الماء إلى الإسمنت ونوع الإسمنت وحالات أخرى. وبشكل عام، فانه لأجل صنع الخرسانة المنشودة، فمن الأهمية بمكان أن يكون المهندسون على اطلاع بعملية الإماهة والعوامل التي تؤثر عليها.

منابع :

https://www.understanding-cement.com

https://maturix.com///